
مرزاق أحمد ليس فقط معجبا و عارفا بخبايا الزليج البلدي (المغربي التقليدي) و لكنه كذلك فنان في ميدانه، تراكمت لديه خبرات و تجارب عديدة أهلته لأن يترك بصماته الواضحة في مجموعة من الإنجازات بالمغرب و في دول عديدة، فسمعته مشرفة و مهارته جلية داخل المغرب بلده الأصلي و في دول متعددة كفرنسا و لإيطاليا و دول الخليج و حتى في كندا و أمريكا.
إن عشقه و تفانيه في حب فن الزليج البلدي (المغربي التقليدي)، جعل من أسفاره يكمل و يتوج بها مهامه الفنية ذلك لكونه يستطيع أن يجعل كل معجب بصناعة الزليج التقليدي المغربي يكتشفه عن قرب و في أي مكان في العالم.
إن حب أحمد مرزاق لهذه الحرفة لا يمكن أن يترك المكان لأي شيء آخر في حياته فهو مهووس إلى حد التفاني في البحث لتطوير هذه الصناعة مع الحفاظ على طابعها الأصيل ذلك لكونه ذو حس فني مرهف.
لقد ازداد في 12 يونيو 1955 بالحي العتيق لمدينة فاس (المدينة القديمة) حيث عاش و ترعرع و شرب أولى جرعاته في حب كل ما هو تقليدي، ثم انتقل للعمل في تعاونية المعلمين الزلايجية بفاس منذ وقت مبكر 1970 حيث تعلم مبادئ هذه الحرفة. و في سنة 1976 هاجر أحمد مرزاق إلى فرنسا التي قضى بها ما يناهز السنة و نصف ليعود بعد ذلك إلى وطنه الأم و إلى حرفته، لأن عشقه للزليج البلدي اجتذبه ليعود إلى العمل في التعاونية المذكورة.
و في ما يلي بعض إنجازاته في مجال تسيير الورشات الكبرى لصناعة الزليج بالمغرب و الخارج:
- 1984 إنجاز فيلا في مدينة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية و في نفس السنة أنجز العمل بمقر السفارة المغربية بنيويورك.
- 1986تنفيذ الأشغال بالقصر الملكي بمدينة أغادير بالمملكة المغربية
- 1987 إنجاز فندق المامونية بمدينة مراكش بالمملكة المغربية
- 1987 الإشراف على الأعمال بمقر منظمة الأغذية والزراعة بإيطاليا.
- 1988 الإشراف على تنفيذ الأشغال بالقصر الملكي بمدينة مراكش بالمملكة المغربية
- 1989 الإشراف على تنفيذ الأشغال بالقصر الملكي بمدينة تطوان بالمملكة المغربية
- 1990 الإشراف على تنفيذ الأشغال بالقصر الملكي بمدينة طنجة بالمملكة المغربية
- 1991 الإشراف على تنفيذ الأشغال بالقصر الملكي بمدينة الناظور بالمملكة المغربية
- 1991 انتقل للإشراف على تنفيذ الأعمال الجارية بمطار مدينة أغادير بالمملكة المغربية
- 1992 الإشراف على تنفيذ الأعمال بمسجد الحسن الثاني
- 1992 الإشراف على تنفيذ الأعمال بمطار محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية
- 1993 برهن على علو كعبه في تنفيذ الأشغال بحديقة بوردو بفرنسا
- 1994 إنجاز الأشغال بمدينة الراشيدية بالمملكة المغربية
- 1995 يمكن أن ترى مهاراته في القصر الملكي بالبطحاء بفاس
- 1996 إنجاز الأشغال بمطار مدينة فاس بالمملكة المغربية
- 1997 انتقل لتنفيذ الأشغال بمركز تنظيم الملاحة الجوية بكندا
- ما بين 1998 1999 إنجاز الأشغال بالقصر الملكي بمدينة أرفود بالمملكة المغربية
- و منذ سنة 2000 اختير رئيسا لتعاونية المعلمين الزلايجية بفاس
بعد ذلك قام بإنشاء مقاولته الخاصة التي أطلق عليها اسم "مرزاق أندلس" سنة 2002 و قام بتنفيذ الأشغال بمقاولته الفنية بضريح مولاي عبد الله بفاس، و حاليا ينفذ بعض الأعمال بالقصر الملكي بأغادير.
- 2006 إنجاز الأشغال في فندق مازكان بمدينة الجديدة .
- 2006 إنجاز الأشغال في فندق مازكان بمدينة الجديدة .
تعد صناعة الزليج من الأشكال الفنية الأكثر تعبيرا عن أصالة المعمار المغربي لكونه يعتمد على مواد أولية بسيطة و آليات بدائية و بالأساس معارة و إبداع الصانع التقليدي لتدخل في الهندسة المعمارية للقصور و المعالم التاريخية.
فالزليج هو منتوج ذو خصوصية تقليدية يجمع بين مكوناته الأولية المتواضعة و مهارة الصانع المغربي الذي يحيرف هذه المهنة. فالأمر يتعلق بمربعات من الطين المجفف بطول 10 x 10 cm طليت بطلاء لماع و قصت و نحتت بلطف يدويا بواسطة مطرقة حديدية مخصصة لهذا الغرض تسمى "المنقاش" لتجزأ هذه المربعات إلى قطع صغيرة تسمى "الفرم". هذه الأخيرة تؤلف فيما بينها نسقا يستجيب للقواعد التقليدية لرسوم و خطاطات مطابقة للأصول و تحترم كل قواعد الهندسة التقليدية للفن الإسلامي.
إن هذه الأنساق ليست فسيفساء بل قطع موضوعة من الزليج جمعت فيما بينها بتنسيق لتمنح بتعدد ألوانها و أشكالها منظرا أخاذا يسلب الألباب على الجدران التي تغطيها و الأدراج التي تشكلها و البوابات التي تكسوها. و أرصفة و بلاطات المساجد و القصور و الإقامات الفخمة. ومن خصوصيات هذه الصناعة التقليدية أنه بالإمكان إفشاء سر مكوناتها و المواد المستعملة فيها و الوسائل التي تحتاجها و طرق العمل و لكن مع ذلك فكل هذا لا يكفي لتقليدها حيث أن طرق نقش الأجزاء الصغيرة ذات خصوصيات لا يمكن التوصل إليها إلا بالتدرج المهني حيث أنها تتطلب طرقات خاصة لا يعرفها إلا المتمرس عليها، فطرق التقطيع و النقش هما مفتاح السر في هذه الحرفة إضافة إلى مجموعة من الخصوصيات التي لا يمكن التوصل إليها إلا عبر مجموعة من التجارب و المهارات التي تكتسب من ذوي الخبرات في المجال.
إن الزلايجي لا يعتمد في هذه الحرفة إلا على مكونات و آليات قديمة فهو يحتاج إلى : الطين – الشمس – لوح خشبي – فرن خاص – ملونات معدنية – مطرقات خشبية خاصة و خبرة و مهارة كبيرتين. فصناعة الزليج صناعة تقليدية تعتمد في أساسها على يد و مهارة الصانع للقيام بعمل لا يمكن للآلة أن تقوم به ذلك أن تركيب القطع الصغيرة للزليج أو ما يسمى "بالفرم" بعد نحتها يتطلب حرفية و فنية و حس مرهف لا يمكن للآلة أن تقوم به، فهذا التشكيل و الذي يعطي مجموعة من الأشكال و الرسوم اللامتناهية، ذلك أنه بالاعتماد على رسم منسجم، المعلم الزلايجي يتوفر لتنفيذه على ما يناهز 300 شكل دون تنويع مسبق للألوان و الأشكال.
إن صناعة الزليج هو بالضرورة عمل متكامل لمجموعة من الحرفيين كل من باب تخصصه، فهناك من هو متخصص بتهييئ المادة الأولية، ثم هناك من ينقشها، ثم هناك من هو متخصص بوضع الخطوط، و آخر بجمع القطع و غير ذلك من المهام…
إن ما يثير الانتباه حينما نشاهد الصناع التقليديين في ورشات العمل أو في المحترفات هو التباين بين روعة و دقة التحف الفنية الكاملة المنتجة، و الطابع البدائي للمواد و الأدوات المستعملة، و ما يزيد من حيرة المتمعنين لهذه التحف الفنية أن بساطة الآليات المستعملة تتماشى تماما مع التقنيات المتبعة من عصور، فالأمر هنا يتعلق بمهارة و حرفية و دراية بقواعد الصنعة، هذه المهارة التي هي باكورة و نتاج مراحل من التعلم و التتلمذ.
تقليديا هذه الحرفة تنتقل من الأب إلى الابن، من المعلم إلى التلميذ داخل ورشات العمل العائلية حيث أن التعلم يبدأ من الصغر، فالمبتدئ يتدرج في تنفيذ المهام الأكثر سهولة و هو يتابع و يلاحظ ما يصنع حوله ثم ينتقل تدريجيا إلى كل مراحل الصناعة من الأقل أهمية إلى التي لها قيمة عالية قبل أن يصبح معلما خبيرا بالصنعة و مرجعا لها.
لذلك فكل معلم يكون عادة تحت إمرته مجموعة من الصناع على علم تام بما يقومون به لأنه تدرج في كل مراحل الصنعة قبل أن يصبح هو الربان لسفينتها و كل المعلمين الذين قابلناهم أشخاص منفتحين لهم نظرات نافذة مشعة عارفة بخبايا الحرفة.
لكن النقص الوحيد الذي يمكن أن نقف عليه عند أغلب المعلمين هو غياب التمدرس لديهم فكلهم لم يتعلقوا بالمدارس و لا يتكلمون إلا لغة واحدة في الغالب، و لكن محدودية تعليمهم لم تكن في يوم من الأيام عائقا أمامهم و لم تمنعهم اليوم من أن يكونوا عناصر فاعلة في المجتمع المغربي في مجالات عدة حتى السياسية منها.
![]() | ![]() | ![]() |
المادة:
إن طين مدينة فاس الذي يدخل في تركيبة مربعات الزليج يستخرج على شكل كتل تغطس في صهاريج تسمى "الزوبا" مدة يوم وليلة، بعد ذلك يقوم العامل بعجنه بيده و رجله ليلة و يمزجه حتى يصبح أملس، ثم يقوم بدقه و تقطيعه ثم يمدد في الشمس، يسطح بواسطة مطرقة ثم يملس، بعد ذلك و على لوح خشبي يتم تقسيمه بقوال مربعة بطول 10x10 سم لتركها تجفف في الشمس في زمن يختلف حسب حالة الطقس، و حين تجف يتم إدخالها إلى الفرن للمرة الأولى.
بعد هذه المرحلة يتم غطس واجهة المربع بسرعة في مزيج من طلاء قبل أن ندخلها إلى الفرن للمرة الثانية لنحصل بعد تعرضها للنار على ألوان مختلفة: أبيض – أسود – أزرق – أخضر – أصفر – بني . . .
أثناء حرق المربعات، يتغير لون الطلاء الذي وضعناه و الذي يتكون من الرصاص و الرمل ليعطي لونا مغايرا و ذلك راجع لأوكسيد خاص.
إن المزيج رصاص + رمل + أوكسيد الذي يوجد مطحون و مذوب في الماء لتغطس فيه بدقة و مهارة المربعات قبل أن تدخل إلى الفرن للمرة الثانية و الذي تصل درجة حرارته إلى 800 درجة و ذلك ليت تثبيت اللون على قطعة الزليج.
هذا الفرن ذو طابع خاص بحيث يتم إحماؤه من الأسفل و يتم وضع المربعات للحرق بترتيب معين. في الأسفل نجد الألوان التي تتحمل حرارة كبيرة مثل المربعات البيضاء و في الأعلى نجد المربعات التي لا تتحمل الحرارة مثل الخضراء، كما يمكننا أن نضع في فرن واحد مربعات من لون واحد و هذا ما يجعلنا لا نعطي أهمية دائما لحساسية بعض الألوان من الحرارة.
وعد أربعة و عشرين ساعة نخرج المربعات من الفرن و تتم مراقبتها و تصنيفها حسب الألوان.
![]() | ![]() | ![]() | ![]() |
![]() | ![]() | ![]() |
التقطيع (النقش)
إن تقطيع الزليج و تركيبه في لوحات يعتبر من أهم المراحل في صناعة الزليج المغربي و منه يستمد خصوصيته فبمساعد أنموذج يقوم الصانع برسم (برشم) هذا الأخير على المربع و يحاول أن يرسم أكبر عدد ممكن من القطع و ذلك بإدخال الخطوط المحورية الواحدة في الأخرى و ذلك حتى لا تهدر المادة الأولية الغالية نظرا لأنها نتاج عمل طويل.
فعلى منضدة صغيرة بطول 40 سم يقوم الصانع بتحضيرها و التي تتكون من مواد بسيطة (آجور في غالب الأحيان يتم ترصيفه و تلميسه بالجبس) توجد بهذه المنضدة مواد حادة و صلبة من الحديد أو الرخام. يضع عليها الصانع المربع المهيأ و بمساعدة مطرقة حديدية خاصة حادة من الجانبين تسمى"المنقاش" يقوم بتقطيع الأشكال المرسومة سلفا على المربع.
القطعة الصلبة الموجودة بالمنضدة تضمن عدم تحطم المربعات و بذلك تكون عملية التكسير سهلة.
يقوم الصانع النقاش يقوم بتحريك المربع بطريقة تسهل عليه طرقه متبعا الخطوط المرسومة عليه و باليد الأخرى يمسك المطرقة أو المنقاش الذي يكسر به المربع.
يعد التكسير ثاني مرحلة البرد للقطع الصغيرة أو ما يصطلح عليه لدى الصناع "بالتخلاص" هذه القطع يتم بردها بشكل مائل لنحصل على سطح من الإسمنت عند وضعها بشكل مقلوب.
![]() | ![]() | ![]() | ![]() |
التركيب (الفرغ أو الفرش)
بعد التكسير و النحت ترتب القطع حسب الشكل و اللون، فالصانع (الفرّاغ) يقوم بوضعها الواحدة تلو الأخرى بشكل مقلوب "الجهة الملونة إلى الأسفل" على أرضية ملساء تسمى "اللوح" و التي تسطر لترشد الصانع في عملية إنشاء الشكل المطلوب. هذه العملية مهمة لكونها تساهم في عدم السهو و الخطأ ذلك أنه في بعض الأحيان تتشابه بعض الأشكال مع اختلاف الألوان و لا يمكن التمييز لأن القطع مقلوبة.
يقوم الصانع بإدخال القطع الصغيرة بعضها في بعض ليشكل اللوحة. فهو يعمل دون أن يرى الألوان أو أن يتبع خطا أو محيط دائرة مرسومة على الأرض فهو يعتمد فقط على خبرته و مهارته و تركيزه.
حين تأخذ قطع الزليج الصغيرة شكلها النهائي و بعد التركيب و جمع القطع الضغيرة على "اللوح" يقوم الصانع برشها بمزيج من الجبص و الإسمنت الذي يعمل على ضم و تثبيت هذه القطع بعضها ببعض. بعد هذه العملية يقوم الصانع بصب مزيج الإسمنت و المل و الماء على هذه اللوحة و يتركه يجف و بعد ذلك تعتير اللوحة جاهزة للمرحلة النهائية و هي أن تأخذ مكانها على الجدار أو فوق بوابة في ضريح أو قصر أو منزل بسحب ما وضعت من أجله


الابتكارات الحديثة
لقد استطاع فن المعمار الإسلامي أن يخلق لغة خاصة به غنية و معبرةاستنبط خصوصياته من المحيط الذي نعيش فيه و جعل قواعدها نسبية و متغيرة يمكن تبديلها كلما دعت الحاجة الهندسية لذلك. إن الأشكال الهندسية البسيطة و البدائية سيعاد تركيبها لإنتاج شكل مناسب في نسق فني متناسق قادر على تبليط و ترصيف مساحات مثالية لا متناهية و بالتالي يمكن القول أن صناعة الزليج تستطيع ان تساير المتطلبات الحديثة للهندة المعمارية.
عن هذه التركيبات الجديدة التي تحدثنا عنها مجموعة جديدة في متناول الصانع التقليدي و تقدم لديه مادة خام يستطيع ان يولد منها أشكالا جديدة و ذلك بتركيبات جد بسيطة و لكن مع مراعاة قواعد و خصوصيات الحرفة.
و هذه التغيرات و التنوعات في الشكل املتها علينا روح العصر.
إن فن الديكور او الزخرفة قد تطور و تعقد إلى أن أصبح فنا كبيرا و شاملا و عرف تطورات هامة نجد بصماتها واضحة على الزليج.
إن المغرب قد ورث مجموعة من المعارف و الفنون و الصناعات التقليدية من الأندلس و الصناع التقليديون يحافظون بغيرة على مبادئها و أسسها، و فن صناعة الزليج المغربي تفرض كثيرا من الدقة و القابلية للتطور بتطور الفن المعماري الإسلامي و أشكاله و مكوناته. فالرياضات و المدارس القرآنية داخل مدينة فاس خير دليل على التركيبة التقليدية. في المقابل نجد مجموعة من المنازل المعاصرة التي ورث أصحابها الهوس بالثراث المعماري الإسلامي و الذين قاموا بعصرنته و بذلك عززوا الصلة و الوابط بين الثراث الموروث و قاموا بإخراجه و عدم جعله مقتصرا على المساجد و المآثر التاريخية و القصور... إلى المساكن الحديثة.
إن طرق تعليم تقنيات صناعة الزليج تستمر دائما في نمطها التقليدي داخل ورشات عائلية و تنتقل في أسرارها من الأب إلى الابن و من جيل إلى جيل حتى تحافظ على أصالتها.
تواصلوا معنا
email : marzak.andalous@gmail.com
GSM : (+212) 06 66 96 47 31
TEL : (+212) 05 35 73 02 34
TEL : (+212) 05 35 73 02 34